هذه البلاد شقة مفروشة
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الشاعر جمال عبد القادر- الفنان
-
عدد الرسائل : 273
العمر : 43
تاريخ التسجيل : 05/11/2009
هذه البلاد شقة مفروشة
هـذي البـلادُ شـقَّـةٌ مَفـروشـةٌ ، يملُكُها شخصٌ يُسَمّى عَنترَهْ … | |
يسـكَرُ طوالَ الليل عنـدَ بابهـا ، و يجمَعُ الإيجـارَ من سُكّـانهـا .. | |
وَ يَطلُبُ الزواجَ من نسـوانهـا ، وَ يُطلقُ النـارَ على الأشجـار … | |
و الأطفـال … و العيـون … و الأثـداء …والضفـائر المُعَطّـرَهْ ... | |
هـذي البـلادُ كلُّهـا مَزرَعَـةٌ شخصيّـةٌ لعَنـترَهْ … | |
سـماؤهـا .. هَواؤهـا … نسـاؤها … حُقولُهـا المُخضَوضَرَهْ … | |
كلُّ البنايـات – هنـا – يَسـكُنُ فيها عَـنتَرَهْ … | |
كلُّ الشـبابيك علَيـها صـورَةٌ لعَـنتَرَهْ … | |
كلُّ الميـادين هُنـا ، تحمـلُ اسـمَ عَــنتَرَهْ … | |
عَــنتَرَةٌ يُقـيمُ فـي ثيـابنـا … فـي ربطـة الخـبز … | |
و فـي زجـاجـة الكُولا ، وَ فـي أحـلامنـا المُحتَضـرَهْ ... | |
مـدينـةٌ مَهـجورَةٌ مُهَجّـرَهْ … | |
لم يبقَ – فيها – فأرةٌ ، أو نملَـةٌ ، أو جدوَلٌ ، أو شـجَرَهْ … | |
لاشـيء – فيها – يُدهشُ السّـياح إلاّ الصـورَةُ الرسميّـة المُقَرَّرَهْ .. | |
للجـنرال عَــنتَرَهْ … | |
فـي عرَبـات الخَـسّ ، و البـطّيخ … | |
فــي البـاصـات ، فـي مَحطّـة القطـار ، فـي جمارك المطـار.. | |
فـي طوابـع البريـد ، في ملاعب الفوتبول ، فـي مطاعم البيتزا … | |
و فـي كُلّ فئـات العُمـلَة المُزَوَّرَهْ … | |
فـي غرفَـة الجلوس … فـي الحمّـام .. فـي المرحاض .. | |
فـي ميـلاده السَـعيد ، فـي ختّـانه المَجيـد .. | |
فـي قُصـوره الشـامخَـة ، البـاذخَـة ، المُسَـوَّرَهْ … | |
مـا من جـديدٍ في حيـاة هـذي المـدينَـةُ المُسـتَعمَرَهْ … | |
فَحُزنُنـا مُكّرَّرٌ ، وَمَوتُنـا مُكَرَّرٌ ،ونكهَةُ القهوَة في شفاهنـا مُكَرَّرَهْ … | |
فَمُنذُ أَنْ وُلدنـا ،و نَحنُ مَحبوسُونَ فـي زجـاجة الثقافة المُـدَوَّرَهْ … | |
وَمُـذْ دَخَلـنَا المَدرَسَـهْ ،و نحنُ لانَدرُسُ إلاّ سيرَةً ذاتيّـةً واحـدَهً … | |
تـُخبرنـا عـن عَضـلات عَـنتَرَهْ … | |
وَ مَكـرُمات عَــنتَرَهْ … وَ مُعجزات عَــنتَرَهْ … | |
ولا نرى في كلّ دُور السينما إلاّ شريطاً عربيّاً مُضجراً يلعبُ فيه عَنتَرَهْ … | |
لا شـيء – في إذاعَـة الصـباح – نهتـمُّ به … | |
فـالخـبَرُ الأوّلُــ – فيهـا – خبرٌ عن عَــنترَهْ … | |
و الخَـبَرُ الأخـيرُ – فيهـا – خَبَرٌ عن عَــنتَرَهْ … | |
لا شـيءَ – في البرنامج الثـاني – سـوَى : | |
عـزفٌ – عـلى القـانون – من مُؤلَّفـات عَــنتَرَهْ … | |
وَ لَـوحَـةٌ زيتيّـةٌ من خـربَشــات عَــنتَرَهْ ... | |
و بـاقَـةٌ من أردَئ الشـعر بصـوت عـنترَهْ … | |
هذي بلادٌ يَمنَحُ المُثَقَّفونَ – فيها – صَوتَهُم ،لسَـيّد المُثَقَّفينَ عَنتَرَهْ … | |
يُجَمّلُونَ قـُبحَهُ ، يُؤَرّخونَ عصرَهُ ، و ينشُرونَ فكرَهُ … | |
و يَقـرَعونَ الطبـلَ فـي حـروبـه المُظـفَّرَهْ … | |
لا نَجـمَ – في شـاشَـة التلفـاز – إلاّ عَــنتَرَهْ … | |
بقَـدّه المَيَّـاس ، أو ضحكَـته المُعَبـرَهْ … | |
يـوماً بزيّ الدُوق و الأمير … يـوماً بزيّ الكادحٍ الفـقير … | |
يـوماً عـلى طـائرَةٍ سَـمتيّـةٍ .. يَوماً على دبّابَة روسيّـةٍ … | |
يـوماً عـلى مُجَـنزَرَهْ … | |
يـوماً عـلى أضـلاعنـا المُكَسَّـرَهْ … | |
لا أحَـدٌ يجـرُؤُ أن يقـولَ : " لا " ، للجـنرال عَــنتَرَهْ … | |
لا أحَـدٌ يجرؤُ أن يسـألَ أهلَ العلم – في المدينَة – عَن حُكم عَنتَرَهْ … | |
إنَّ الخيارات هنا ، مَحدودَةٌ ،بينَ دخول السَجن ،أو دخول المَقبَرَهْ .. | |
لا شـيء فـي مدينَة المائة و خمسين مليون تابوت سوى … | |
تلاوَةُ القُرآن ، و السُرادقُ الكبير ، و الجنائز المُنتَظرَهْ … | |
لا شيء ،إلاَّ رجُلٌ يبيعُ - في حقيبَةٍ - تذاكرَ الدخول للقبر ، يُدعى عَنتَرهْ … | |
عَــنتَرَةُ العَبسـيُّ … لا يَترُكنـا دقيقةً واحدَةً … | |
فـ مَرّةَ ، يـأكُلُ من طعامنـا … و َمـرَّةً يشرَبُ من شـرابنـا … | |
وَ مَرَّةً يَندَسُّ فـي فراشـنا … وَ مـرَّةً يزورُنـا مُسَـلَّحاً … | |
ليَقبَضَ الإيجـار عن بلادنـا المُسـتأجَرَهْ |
احمد حافظ- الفنان
-
عدد الرسائل : 234
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 06/09/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى