السعاده والحب فى حياة المرأه والرجل
صفحة 1 من اصل 1
السعاده والحب فى حياة المرأه والرجل
منذ أن يعى الإنسان خطواته فى الحياة وهو يسعى إلى السعادة, وتختلف هذه السعادة فى كل مرحلة عمرية, فما يسعده فى مرحلة الطفولة يختلف عما يسعده فى مرحلة شبابه, وعما يسعده وهو فى مرحلة نضجه, كما أن ما يسعد الرجل يختلف عما يسعد المرأة.
لكنه فى كل المراحل العمرية يظل ساعيا لإحراز هذه السعادة بكل الوسائل المتاحة, وقد ينجح فى إحرازها, وقد يخفق, لكن النجاح والإخفاق فى تحقيق هذه السعادة يتوقف أساسا على نظرة الإنسان للسعادة فى حد ذاتها, أو ما يمكن أن نطلق عليه (مقاييس السعادة), وهى تلك النظرة التى ينظرها كل إنسان لما يدور حوله, وما يحلم أن يحققه.
ويمكننا القول أن ما يتمناه الإنسان ويستطيع تحقيقه هو السعادة, لكن اختلاف هذه السعادة فى الشخص ذاته, ذلك أن هناك من يرى أن السعادة تكمن فى الحصول على القدر الكافى من المال الذى يؤمن المستقبل, والذى من خلاله يستطيع الإنسان الحصول على أى شىء قابل للبيع والشراء, وهناك من يرى أن السعادة تتحقق بقدر تحقيق الوضع الاجتماعى من تحصيل العلم والتدرج فى وظيفة مرموقة تجعله ذا حيثية مجتمعية حتى ولو لم يكن من الأغنياء, وهناك من يرى أن تحقيق السعادة هو فى درجة تحصيل الحب بينه وبين من يتعامل معهم, بدءا من شريك العمر والأسرة, وصولا إلى زملاء العمل.
ولكل هؤلاء منطقهم ومنهجهم الذى يتعاملون به مع الحياة, ولكل منهم وجهة نظر لو استمعت لها ربما التمست لهم العذر فى حالة عدم اقتناعك بما يقولون.
فالمال ضرورى أحيانا لكى تحقق السعادة, كما أن تحقيق الذات من خلال العمل أو العلم سعادة, وتحقيق الحب بينك وبين من يتعاملون معك سعادة.
لكن الإشكالية الحقيقية هى فى المقدار الذى تنوى أن تقنع به نفسك أن السعادة قد تحققت, أو فى نوع السعادة التى تتمنى تحقيقها, والتى تختلف من شخص لآخر كما قلنا.
وقليل من الناس - بل نادرا - الذين يستطيعون أن يحققوا السعادة الكاملة, والتى تتمثل فى تقديرى فى ثلاثية: المال والعلم والحب, لكن السعادة الحقيقية تكمن فى الرضا بحجم ما تحقق فى أى منهم, وسيكون حديثى اليوم عن السعادة التى تنشأ عن الحب الحادث بين الرجل والمرأة.
بداية أؤكد على أننا نكون غير منصفين إذا اعتقدنا أن الرجل والمرأة متساويان فى تعريفهما للسعادة والحب, فكما أن هناك اختلافا بيولوجيا بين كل منهما, هناك اختلافا فى طبيعة المشاعر, ربما توحدت هذه المشاعر فى درجات, لكنها فى درجات أخرى تختلف, فالمرأة أكثر قوة واندفاعا فى مشاعرها وحبها إذا ما أحبت, وتتصاعد درجات حبها يوما بعد يوم, على العكس من الرجل, الذى يكون فى مشاعره وحبه مندفعا بكل قوته فى بداية الحب, فإذا ما أطمئن إلى هذا الحب ثبتت مشاعره وخفت جذوة مشاعره, وهو ما يلقى على المرأة بعبء إشعال هذه الجذوة بما تملك من مشاعر مرهفة, وبما يجعل من مشاعر الرجل تتجدد وتنمو مع كل يوم, ومع كل لمسة من لمساتها.
وهذه هى طبيعة العلاقة الأزلية بين الرجل والمرأة, وعلى الأخص فى مجتمعنا الشرقى, وهذه الطبيعة هى ما يضفى جمالا وروعا على المشاعر بينهما, ففى بداية أى علاقة بين رجل وامرأة, وحينما تبدأ مشاعر الحب فى النمو يكون الرجل سباقا فى مشاعره, مندفعا فى الاعتراف بهذا الحب, فهو أكثر ميلا إلى طلب العاطفة, فى حين أن المرأة إذا كانت قد أحست بهذا الحب قبله, فإنها لا تكون قادرة على البوح به, وتفضل الاحتفاظ بمشاعرها حتى يصرح الرجل بهذا الحب, وتفضل إرسال إشارات عابرة يفهمها الرجل بين سطور حديثها.
لكن على المرأة فى هذه الحالة قبل أن تصرح بحبها أن تتأكد تماما من مشاعرها, وأنها بالفعل تحب الرجل الذى صرح لها بحبه, لأنها إذا ما أكتفت بحبه هو, فإن ذلك سريعا ما يظهر أثره, ويحسه الرجل, وساعتها تنقلب مشاعر الرجل من الحب المتدفق إلى اللامبالاة فى العلاقة.
فإذا ما تأكد الطرفان من مشاعرهما, وصرح كلاهما للآخر بمشاعره وحبه, فإن طبيعة العلاقة تنتقل إلى مرحلة أخرى, تكاد تكون متقاربة من حيث المشاعر, وقوة الاندفاع فى التعبير عن هذه المشاعر, فكل منهما يكون متعطشا للعاطفة والاحتواء, وتبين هذه المرحلة أى منهما يحب الآخر أكثر, وهو ما يظهر فى حجم الاهتمام الذى يبديه طرف تجاه الآخر.
ثم تبدأ مشاعر الرجل بعد فترة تميل إلى الثبات, على العكس من المرأة التى تزداد مشاعرها وتتوهج, فالرجل عادا لديه من المشاغل ما يجعل مشاعره غير ظاهرة باستمرار, وتزداد حدة هذه الطبيعة إذا ما كانت هذه المرأة التى أحبها ليس هناك من الأعباء ما يشغلها, فتكون فى هذه الحالة منطلقة بكل جوارحها تجاه هذا الحب, وبطبيعة الحال تنتظر من الحبيب أن يبادلها الحب بنفس الدرجة, وهو ما يحدث عادا فجوة فى العلاقة بينهما, فالرجل مشاعره وحبه موجودان, لكنه ربما لا يجد الوقت للتعبير عنهما, أو لأنه يفضل أن يترجم هذه المشاعر إلى أشياء ملموسة وحسية, فى حين أن المرأة مهما كانت منشغلة بأعباء يومية فإن حبها يظل فى صدارة اهتماماتها ورغباتها, وهنا يظهر مدى ما لابد أن تفعله المرأة لكى تغير من طباع الرجل فى هذه المرحلة.
لكننى لا أعفى الرجل من القيام بدوره فى الاستمرار فى بث مشاعره والقيام بدور تجاه حبيبته, مهما كانت انشغالاته, ويجب أن يعطى هذا الحب المكانة التى يستحقها, فما أتعس رجل وجد الحب ولم يستطع الحفاظ عليه.
لكنها طبيعة الرجل, فهو طفل كبير, يحتاج إلى الرعاية والتدليل, ويحتاج فى كل لحظة إلى الشعور بالحب, وبأن الحبيبة تذكره.
كما أن الرجل يميل بفطرته إلى الحرية أكثر من المرأة, ولا يحب أن تفرض عليه القيود, حتى لو كانت ممن يحب, فهو يعتبر أن حريته شأن خاص, لا يجب لأحد أن يتحكم بها, وحينما يشعر أن هناك من يريد أن يتحكم بها, فهو يندفع فى الاتجاه العكسى بشكل لا إرادى, بل إنه يعتبر أن حريته هذه وعدم التضييق عليه هى نوع من الثقة التى لا غنى عنها فى علاقته مع من يحب.
هى طبيعة أنانية فى ظاهرها, فليس الحب إلا تبادل مشاعر رقيقة طيبة, لكنه يجنح إلى هذه الأنانية ربما بدافع لا شعورى, فربما كان حبه أكبر, لكنه لا يستطيع إظهار ذلك.
وعلى المرأة فى هذه الحالة, إذا ما تيقنت من هذا الحب, ومن إخلاص حبيبها, أن تظل تدفع بمشاعرها إلى الصدارة, فكل همسة أو كلمة منها تبث فى الرجل دافعا لإظهار ما بداخله, بل إنه ربما خجل من أن حبيبته تظهر مشاعرها بأكثر منه, وعلى المرأة أن تدرك أن إظهار مشاعرها وملاحقة من تحب بهذا الحب ليس فيه ما يقلل من كيانها كأنثى, بل ربما كان ذلك مما يعلى من قيمتها ومكانتها وحبها فى قلب من تحب.
هى معادلة صعبة بطبيعة الحال, ولا تخضع لاعتبارات العلاقات الإنسانية بين مختلف البشر, فهى علاقة خاصة جدا, ليس فيها سؤال عمن يعطى ويحب أكثر من الآخر, أو من يهتم بالآخر أكثر, فإذا ما شعر أحد الطرفين أن هذا السؤال يلح عليه فى داخله فإنه بداية لانهيار العلاقة, فالحب عطاء بلا حدود, حتى لو لم يجد المقابل, بشرط واحد فقط هو أن يتيقن أن هذا الحب حقيقى وصادق.
والمرأة أكثر صبرا من الرجل, بل إن صبرها هذا هو مصدر قوتها, بينما الرجل أقل قدرة فى هذا المجال, وطبيعته تميل إلى الملل وحب التجديد, وكراهية سماع اللوم والعتاب, ومشاعره قابلة باستمرار لمزيد من علاقات الحب, على العكس من المرأة التى يكفيها حبا واحدا فى حياتها لكى تخلص له وتعيش من أجله, وربما هذا هو الدافع الأساسى لمسألة تعدد الزوجات فى الإسلام, فالرجل قادر على الاحتفاظ بمشاعر الحب لأكثر من امرأة فى نفس الوقت, وبالتالى أن يكون له أكثر من زوجة.
وهذه ليست دعوة لتعدد الزوجات, أو لتعدد من يحبهم الرجل, ولكنها محاولة للفهم, فأكثر العلاقات نجاحا هى التى لم يكن بها أى تعدد, سواء فى الحب أو فى الزواج.
فقيمة العدل التى هى أساس مشروعية التعدد من الصعب أن يتقنها أى رجل, لأنها فى هذه الحالة تتصل بالمشاعر, التى لا يمكن لأى رجل أن يتحكم فيها أو يسيطر عليها.
وهو ما يوضح الدور الذى ينبغى أن تلعبه المرأة فى حياة الرجل حتى يمكنها الاحتفاظ بمن تحب, وأن تعلم أن مشاعر الرجل القابلة للتعدد لابد لها من معاملة خاصة حتى تستطيع أن تملك ناصيتها.
وتكمن فى هذه النقطة سعادة الرجل والمرأة, فالمرأة تجد سعادة حينما تبذل جهدا للاحتفاظ بحبها, وتزداد هذه السعادة حينما ترى أن هذا الجهد أثمر بالفعل عن أن من تحب لا يشغل قلبه سواها, والرجل يشعر أيضا بالسعادة حينما يجد أن المرأة التى أحبها تفعل كل ما بوسعها من أجل المحافظة على هذا الحب, وهو ما يجعله بالفعل حريصا على هذا الحب, مخلصا له.
لكن هذه النقطة تحتاج إلى عقل وقلب مفتوحان بلا قيود, وبلا حدود, فإذا ما وضع أحد الطرفين قيدا على تطور العلاقة, فهو كمن يقول للطرف الآخر أن حبه غير مكتمل الأركان, فالحب فى صيغة من صيغه (امتلاك), والحبيب يريد أن يشعر بأنه يمتلك حبيبه, حسيا وماديا, وأصعب الكلمات التى تقال بين الحبيبان (لا), أينما تقال هذه الكلمة, وفى أى ظرف, فهى تعنى (الثبات), والحب ضد الثبات, فهو يسعى إلى التطور والتألق, وحينما يرفض أحد الطرفين طلبا للطرف الثانى, تبدأ فجوة فى العلاقة تحتاج للعلاج, لأن الحبيب فى هذه الحالة يشعر أن هناك ما يمنع التواصل, وهو ما يأتى بنتيجة عكسية, إذ يبدأ هو الآخر فى التحرك نحو (الثبات), مما يجعل العلاقة تتراجع.
وعلى العكس من ذلك, نجد لكلمة (نعم) مفعول السحر فى تقدم العلاقة وتطور الحب, فمع كل استجابة لطلب من طرف لآخر, تزداد المودة, وتتحقق السعادة, لأن هذه الاستجابة تعنى أن الحبيب يقدم كل ما يمكن أن يقدمه فى سبيل استمرار الحب, وهو ما يجعل الطرف الآخر يقدم أيضا كل مشاعره بمنتهى التفانى والإخلاص.
لكنه فى كل المراحل العمرية يظل ساعيا لإحراز هذه السعادة بكل الوسائل المتاحة, وقد ينجح فى إحرازها, وقد يخفق, لكن النجاح والإخفاق فى تحقيق هذه السعادة يتوقف أساسا على نظرة الإنسان للسعادة فى حد ذاتها, أو ما يمكن أن نطلق عليه (مقاييس السعادة), وهى تلك النظرة التى ينظرها كل إنسان لما يدور حوله, وما يحلم أن يحققه.
ويمكننا القول أن ما يتمناه الإنسان ويستطيع تحقيقه هو السعادة, لكن اختلاف هذه السعادة فى الشخص ذاته, ذلك أن هناك من يرى أن السعادة تكمن فى الحصول على القدر الكافى من المال الذى يؤمن المستقبل, والذى من خلاله يستطيع الإنسان الحصول على أى شىء قابل للبيع والشراء, وهناك من يرى أن السعادة تتحقق بقدر تحقيق الوضع الاجتماعى من تحصيل العلم والتدرج فى وظيفة مرموقة تجعله ذا حيثية مجتمعية حتى ولو لم يكن من الأغنياء, وهناك من يرى أن تحقيق السعادة هو فى درجة تحصيل الحب بينه وبين من يتعامل معهم, بدءا من شريك العمر والأسرة, وصولا إلى زملاء العمل.
ولكل هؤلاء منطقهم ومنهجهم الذى يتعاملون به مع الحياة, ولكل منهم وجهة نظر لو استمعت لها ربما التمست لهم العذر فى حالة عدم اقتناعك بما يقولون.
فالمال ضرورى أحيانا لكى تحقق السعادة, كما أن تحقيق الذات من خلال العمل أو العلم سعادة, وتحقيق الحب بينك وبين من يتعاملون معك سعادة.
لكن الإشكالية الحقيقية هى فى المقدار الذى تنوى أن تقنع به نفسك أن السعادة قد تحققت, أو فى نوع السعادة التى تتمنى تحقيقها, والتى تختلف من شخص لآخر كما قلنا.
وقليل من الناس - بل نادرا - الذين يستطيعون أن يحققوا السعادة الكاملة, والتى تتمثل فى تقديرى فى ثلاثية: المال والعلم والحب, لكن السعادة الحقيقية تكمن فى الرضا بحجم ما تحقق فى أى منهم, وسيكون حديثى اليوم عن السعادة التى تنشأ عن الحب الحادث بين الرجل والمرأة.
بداية أؤكد على أننا نكون غير منصفين إذا اعتقدنا أن الرجل والمرأة متساويان فى تعريفهما للسعادة والحب, فكما أن هناك اختلافا بيولوجيا بين كل منهما, هناك اختلافا فى طبيعة المشاعر, ربما توحدت هذه المشاعر فى درجات, لكنها فى درجات أخرى تختلف, فالمرأة أكثر قوة واندفاعا فى مشاعرها وحبها إذا ما أحبت, وتتصاعد درجات حبها يوما بعد يوم, على العكس من الرجل, الذى يكون فى مشاعره وحبه مندفعا بكل قوته فى بداية الحب, فإذا ما أطمئن إلى هذا الحب ثبتت مشاعره وخفت جذوة مشاعره, وهو ما يلقى على المرأة بعبء إشعال هذه الجذوة بما تملك من مشاعر مرهفة, وبما يجعل من مشاعر الرجل تتجدد وتنمو مع كل يوم, ومع كل لمسة من لمساتها.
وهذه هى طبيعة العلاقة الأزلية بين الرجل والمرأة, وعلى الأخص فى مجتمعنا الشرقى, وهذه الطبيعة هى ما يضفى جمالا وروعا على المشاعر بينهما, ففى بداية أى علاقة بين رجل وامرأة, وحينما تبدأ مشاعر الحب فى النمو يكون الرجل سباقا فى مشاعره, مندفعا فى الاعتراف بهذا الحب, فهو أكثر ميلا إلى طلب العاطفة, فى حين أن المرأة إذا كانت قد أحست بهذا الحب قبله, فإنها لا تكون قادرة على البوح به, وتفضل الاحتفاظ بمشاعرها حتى يصرح الرجل بهذا الحب, وتفضل إرسال إشارات عابرة يفهمها الرجل بين سطور حديثها.
لكن على المرأة فى هذه الحالة قبل أن تصرح بحبها أن تتأكد تماما من مشاعرها, وأنها بالفعل تحب الرجل الذى صرح لها بحبه, لأنها إذا ما أكتفت بحبه هو, فإن ذلك سريعا ما يظهر أثره, ويحسه الرجل, وساعتها تنقلب مشاعر الرجل من الحب المتدفق إلى اللامبالاة فى العلاقة.
فإذا ما تأكد الطرفان من مشاعرهما, وصرح كلاهما للآخر بمشاعره وحبه, فإن طبيعة العلاقة تنتقل إلى مرحلة أخرى, تكاد تكون متقاربة من حيث المشاعر, وقوة الاندفاع فى التعبير عن هذه المشاعر, فكل منهما يكون متعطشا للعاطفة والاحتواء, وتبين هذه المرحلة أى منهما يحب الآخر أكثر, وهو ما يظهر فى حجم الاهتمام الذى يبديه طرف تجاه الآخر.
ثم تبدأ مشاعر الرجل بعد فترة تميل إلى الثبات, على العكس من المرأة التى تزداد مشاعرها وتتوهج, فالرجل عادا لديه من المشاغل ما يجعل مشاعره غير ظاهرة باستمرار, وتزداد حدة هذه الطبيعة إذا ما كانت هذه المرأة التى أحبها ليس هناك من الأعباء ما يشغلها, فتكون فى هذه الحالة منطلقة بكل جوارحها تجاه هذا الحب, وبطبيعة الحال تنتظر من الحبيب أن يبادلها الحب بنفس الدرجة, وهو ما يحدث عادا فجوة فى العلاقة بينهما, فالرجل مشاعره وحبه موجودان, لكنه ربما لا يجد الوقت للتعبير عنهما, أو لأنه يفضل أن يترجم هذه المشاعر إلى أشياء ملموسة وحسية, فى حين أن المرأة مهما كانت منشغلة بأعباء يومية فإن حبها يظل فى صدارة اهتماماتها ورغباتها, وهنا يظهر مدى ما لابد أن تفعله المرأة لكى تغير من طباع الرجل فى هذه المرحلة.
لكننى لا أعفى الرجل من القيام بدوره فى الاستمرار فى بث مشاعره والقيام بدور تجاه حبيبته, مهما كانت انشغالاته, ويجب أن يعطى هذا الحب المكانة التى يستحقها, فما أتعس رجل وجد الحب ولم يستطع الحفاظ عليه.
لكنها طبيعة الرجل, فهو طفل كبير, يحتاج إلى الرعاية والتدليل, ويحتاج فى كل لحظة إلى الشعور بالحب, وبأن الحبيبة تذكره.
كما أن الرجل يميل بفطرته إلى الحرية أكثر من المرأة, ولا يحب أن تفرض عليه القيود, حتى لو كانت ممن يحب, فهو يعتبر أن حريته شأن خاص, لا يجب لأحد أن يتحكم بها, وحينما يشعر أن هناك من يريد أن يتحكم بها, فهو يندفع فى الاتجاه العكسى بشكل لا إرادى, بل إنه يعتبر أن حريته هذه وعدم التضييق عليه هى نوع من الثقة التى لا غنى عنها فى علاقته مع من يحب.
هى طبيعة أنانية فى ظاهرها, فليس الحب إلا تبادل مشاعر رقيقة طيبة, لكنه يجنح إلى هذه الأنانية ربما بدافع لا شعورى, فربما كان حبه أكبر, لكنه لا يستطيع إظهار ذلك.
وعلى المرأة فى هذه الحالة, إذا ما تيقنت من هذا الحب, ومن إخلاص حبيبها, أن تظل تدفع بمشاعرها إلى الصدارة, فكل همسة أو كلمة منها تبث فى الرجل دافعا لإظهار ما بداخله, بل إنه ربما خجل من أن حبيبته تظهر مشاعرها بأكثر منه, وعلى المرأة أن تدرك أن إظهار مشاعرها وملاحقة من تحب بهذا الحب ليس فيه ما يقلل من كيانها كأنثى, بل ربما كان ذلك مما يعلى من قيمتها ومكانتها وحبها فى قلب من تحب.
هى معادلة صعبة بطبيعة الحال, ولا تخضع لاعتبارات العلاقات الإنسانية بين مختلف البشر, فهى علاقة خاصة جدا, ليس فيها سؤال عمن يعطى ويحب أكثر من الآخر, أو من يهتم بالآخر أكثر, فإذا ما شعر أحد الطرفين أن هذا السؤال يلح عليه فى داخله فإنه بداية لانهيار العلاقة, فالحب عطاء بلا حدود, حتى لو لم يجد المقابل, بشرط واحد فقط هو أن يتيقن أن هذا الحب حقيقى وصادق.
والمرأة أكثر صبرا من الرجل, بل إن صبرها هذا هو مصدر قوتها, بينما الرجل أقل قدرة فى هذا المجال, وطبيعته تميل إلى الملل وحب التجديد, وكراهية سماع اللوم والعتاب, ومشاعره قابلة باستمرار لمزيد من علاقات الحب, على العكس من المرأة التى يكفيها حبا واحدا فى حياتها لكى تخلص له وتعيش من أجله, وربما هذا هو الدافع الأساسى لمسألة تعدد الزوجات فى الإسلام, فالرجل قادر على الاحتفاظ بمشاعر الحب لأكثر من امرأة فى نفس الوقت, وبالتالى أن يكون له أكثر من زوجة.
وهذه ليست دعوة لتعدد الزوجات, أو لتعدد من يحبهم الرجل, ولكنها محاولة للفهم, فأكثر العلاقات نجاحا هى التى لم يكن بها أى تعدد, سواء فى الحب أو فى الزواج.
فقيمة العدل التى هى أساس مشروعية التعدد من الصعب أن يتقنها أى رجل, لأنها فى هذه الحالة تتصل بالمشاعر, التى لا يمكن لأى رجل أن يتحكم فيها أو يسيطر عليها.
وهو ما يوضح الدور الذى ينبغى أن تلعبه المرأة فى حياة الرجل حتى يمكنها الاحتفاظ بمن تحب, وأن تعلم أن مشاعر الرجل القابلة للتعدد لابد لها من معاملة خاصة حتى تستطيع أن تملك ناصيتها.
وتكمن فى هذه النقطة سعادة الرجل والمرأة, فالمرأة تجد سعادة حينما تبذل جهدا للاحتفاظ بحبها, وتزداد هذه السعادة حينما ترى أن هذا الجهد أثمر بالفعل عن أن من تحب لا يشغل قلبه سواها, والرجل يشعر أيضا بالسعادة حينما يجد أن المرأة التى أحبها تفعل كل ما بوسعها من أجل المحافظة على هذا الحب, وهو ما يجعله بالفعل حريصا على هذا الحب, مخلصا له.
لكن هذه النقطة تحتاج إلى عقل وقلب مفتوحان بلا قيود, وبلا حدود, فإذا ما وضع أحد الطرفين قيدا على تطور العلاقة, فهو كمن يقول للطرف الآخر أن حبه غير مكتمل الأركان, فالحب فى صيغة من صيغه (امتلاك), والحبيب يريد أن يشعر بأنه يمتلك حبيبه, حسيا وماديا, وأصعب الكلمات التى تقال بين الحبيبان (لا), أينما تقال هذه الكلمة, وفى أى ظرف, فهى تعنى (الثبات), والحب ضد الثبات, فهو يسعى إلى التطور والتألق, وحينما يرفض أحد الطرفين طلبا للطرف الثانى, تبدأ فجوة فى العلاقة تحتاج للعلاج, لأن الحبيب فى هذه الحالة يشعر أن هناك ما يمنع التواصل, وهو ما يأتى بنتيجة عكسية, إذ يبدأ هو الآخر فى التحرك نحو (الثبات), مما يجعل العلاقة تتراجع.
وعلى العكس من ذلك, نجد لكلمة (نعم) مفعول السحر فى تقدم العلاقة وتطور الحب, فمع كل استجابة لطلب من طرف لآخر, تزداد المودة, وتتحقق السعادة, لأن هذه الاستجابة تعنى أن الحبيب يقدم كل ما يمكن أن يقدمه فى سبيل استمرار الحب, وهو ما يجعل الطرف الآخر يقدم أيضا كل مشاعره بمنتهى التفانى والإخلاص.
ياسر عبد الباقي- الفنان
-
عدد الرسائل : 3304
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 02/10/2010
مواضيع مماثلة
» المرأه والحب
» المرأه والحب
» الفرق بين الرجل الغربي والرجل الشرقي
» الحريه فى حياة العزوبيه
» قواعد السعاده ال 7
» المرأه والحب
» الفرق بين الرجل الغربي والرجل الشرقي
» الحريه فى حياة العزوبيه
» قواعد السعاده ال 7
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى